أطل علينا قبل أيام قليلة وزير التربية و التعليم السيد الوفا، لينذر جميع المقبلين على إمتحانات البكالوريا في دورة يونيو 2013، بعقوبات قوية تحول دونما وصولهم إلى الغش في الإمتحان الوطني.
عقوبات حبسية ترمي التلاميذ إلى أحضان الجدران الإسمنتية خلف قضبان من حديد، و أخرى تمنعهم من إجتياز إمتحاناتهم مدة 5 سنوات، و تشديد الحراسة عليهم و منع كل الأجهزة الإلكترونية بما فيها الهاتف النقال.
لم يستسغ الممتحنون قرارات الوزير و نزلت عليهم كصعقة أعطتهم شحنة موجبة فأعدوا العدة و "الحروز" و كل ما ملكتك أيمانهم من وسائل غش و"نقلة"، الثلاثاء 11يونيو 2013 صباح ينذر بالمعركة الضارية بين طرفين، تلاميذ الباكالوريا ووزير التعليم المغربي.
في الصباح الباكر أمهات إستيقظن ليعدوا وجبة الإفطار لفلذات أكبادهن، وجبة تعد خصيصا لهم، بعد تناولهم لها يبدأ ترتيب آخر اللمسات من يستعد بنسخه المصغرة لدروس السنة بأكملها، ومن يعد التمر و "الزبيب" لتركيز أكثر و نشاط حيوي، كل حسب إهتمامه و كل و إستعداده، لكن الوجهة واحدة المدرسة التي ستستقبلهم و التي لا تعرف أحدا منهم.
دق جرس البداية، المراقب الأول يوزع أوراق الإمتحان، يليه مراقب آخر بمسودات مختلفة الألوان و أخيرا اوراق الإجابة، "بلا متجبدو التيلوفونات، تواحد ما يدور عند صاحبو، و اللي ما فهمش شي حاجة يقولها نعيطو المسؤول"، أول جملة يسمعها المترشحون ... صمت رهيب يعم القاعة بعد ربع ساعة بدأت أصوات التلاميذ تتعالى شيئا فشيئا, إنه بداية الإنفراج, بدأت المعركة بجملة تختزل كل شيء.
إنها صفحة تسريبات توعدت الوزير بالرد على إجراءاته و تصريحاته بتسريب جميع مواضيع الإمتحانات في مدة وجيزة و بالفعل نجحت في ذلك بعد نصف ساعة من إنطلاق الإمتحان توصلت الصفحة الفايسبوكية المذكورة بصور للمواضيع من مختلف الشعب و هنا بدأت عملية التنقيب عن الأجوبة, سارع جيش الصفحة و كل من تعاطفوا مع التلاميذ ضد وزير التربية و التعليم في تدبير إجابات صحيحة لتصل إلى التلاميذ بشتى الطرق.
الأجواء في القسم كما قلنا أن صوت التلاميذ بدأ يسمع, الجملة الأولى "صفحة تسريبات لاحت لينا الأجوبة باليو أدراري", هكذا بدأت قصة "النقيل و الغش", أستاذ حاول منع التلاميذ من فتح هواتفهم الذكية وغير الذكية, لكن رغبة التلاميذ كانت أقوى من ذلك, رجع الأستاذ قرب المكتب المركون في الزاوية المقابلة للباب لتقوم الأستاذة المرافقة له ب "التوشويش" في أذنه, همسة كان لها معنى آخر للتلاميذ, وهناك بدأت الهواتف تخرج من جيوب الممتحنين, و تفعل خدمة الأنترنيت فيها, ليدخل البعض إلى الصفحة مباشرة فيما فضل الآخرون "التكيات" و تسلم الأجوبة مباشرة من المقربين و الموثوقين.
لم تنته الحكاية في الصباح, بل إكتملت تفاصيلها بعد الزوال, نفس الطريقة نفس الصفحة و نفس العملية, كما نقول بالدارجة المغربية "بالعربية ناقلين ناقلين وخا دير اللي درتي أسي الوفا", قرار كان يرمي إلى تعزيز تكافؤ الفرص, ومنح الإستحقاق لمن جد و إجتهد, لكن فلسفة التلاميذ كانت "من نقل إنتقل" كان هذا جوابهم, ولم تنل أي تهديدات من عزيمتهم, والهدف هو الوصول إلى "الكارتونة" شهادة الباكالوريا, بطريقة مشروعة أو غير مشروعة.
لنسمع في المساء "إعتقال سبعة أشخاص, "عمروا بيهم البلاصا" و نسمع عن حكايات من أساتذة و تلاميذ و أوليائهم, تعددت الروايات لكن الخبر الرئيسي, "تزوهير النقلة في دورة يونيو 2013", وسمعنا أيضا أن بعض المترشحين في الصحراء إستعملوا "جناوا" آلات حادة و سيوفا لثني المراقبين عن الحيلولة دون غشهم, يوم طريف عشناه رفقة أصحاب الباكالوريا و كأنما نحن المترشحون, يوم مليئ بالأخبار شغلتنا وجعلت إهتمامنا واحد, هل سيطبق قرار وزير التربية و التعليم؟ و هل سيحد من ظاهرة الغش؟ ... أسئلة عرفنا إجابتها, "إيوا عشنا وشفنا".
أنس الطهيري